حسين علي الحمداني
أصبح من الضروري للتربية الحديثة أن تخصص لجميع أفراد المدرسة من يوجههم ويرشدهم وينظم أعمالهم ويتتبعها ، وأصبح من الضروري على المسؤولين عن التربية الحديثة أن يخصصوا للمدرسة شخصاً متفرغاً ينظم ويوزع الأعمال الفنية بين المدرسين ، كل منهم في مجال تخصصه ، وبين الإداريين كل منهم في عمله ، ويضع البرامج التربوية والثقافية للطلاب ، ويراقب سير أعمال العاملين فيها بدقة ويعقب على ما يجب التعقيب عليه من أعمال لكي تسير المدرسة في هدوء ويعد مدير المدرسة الوسيط بين البيئة المحيطة بالمدرسة والتي يمثلها أولياء أمور الطلاب ، وبين إدارة التعليم – والمراكز الثقافية والتربوية والاجتماعية والمدارس النموذجية ، وبين المدرسة من جهة أخرى بالإضافة إلى عمله الأساسي داخل المدرسة .
هذا بالإضافة إلى أهميته في حل المشكلات التي تحدث في المدرسة أحياناً بين الطلبة أنفسهم وأحياناً بين المدرسين والطلاب وأحياناً أخرى بين المدرسين أنفسهم وبين المدرسين والإداريين وخاصة عند بداية العام الدراسي الجديد من أجل وضع الجدول ومن أجل مراقبة الحضور والغياب والتأخير في الصباح ومن هنا يمكن القول بأن لمدير المدرسة أهمية كبرى في تحقيق النظام داخل المدرسة وتنفيذ البرامج التربوية والتعليمية .
ويحتاج مدير المدرسة إلى خبرة تربوية وتدريب عملي في مجال التعليم وفنونه والدراسة التي يحتاجها دراسة متخصصة في التربية والتعليم والشهادة التي يجب أن يحصل عليها شهادة تربوية ، هذا بالإضافة إلى المتطلبات الرئيسية في شخصية المدير ، والاطلاع المستمر والواسع وتحمل المسؤولية وقوة الشخصية ومعرفة معالجة المشكلات بسرعة وحزم ، وأن يكون حازماً في غير شدة لينا في غير ضعف قوى الذاكرة حاضر البديهة ، ومرناً واعياً مخططاً ، مدركاً يعد نظامه على أساس علمي مدروس يتماشى مع الأنظمة التربوية الحديثة ، متقبلاً البناء بصدر رحب متمتعاً بالأخلاق الفاضلة وسمعة حميدة في المدرسة والمجتمع ، مؤمناً بعمله الذي يؤدية .
فالإدارة المدرسية إشراف وتوجيه . ومن لا يعرف شيئاً عن التدريس ولم يعمل في حياته كمعلم فإنه يصعب عليه أن يدير مدرسة بشكل فعال ومتكامل ، وإذا أدارها فإنه يكون أقرب إلى مدير المكتب منه إلى مدير المدرسة .
وسوف نعرض فيما يلي أهم صفات ووظائف ومسؤوليات مدير المدرسة والمهارات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها .
أهم صفات ومميزات مدير المدرسة الناجح وأهم وظائفه ومسؤولياته :
إن طبيعة عمل مدير المدرسة تفرض عليه أن يقوم بدور القيادة في مدرسته ومن الطبيعي أن يتوقع منه القيام بهذا الدور القيادي .
فالرؤساء في المراكز الإدارية العليا والمعلمون في المدرسة وكذلك العاملون والتلاميذ والآباء بل والمجتمع الكبير كلهم ينظرون إلى مدير المدرية على أنه قائد وأن عليه أن يقوم بدوره القيادي .
والمهم هنا تمثيل مدير المدرسة لدوره القيادي تمثيلاً صحيحاً نابعاً عن وعيه لجوانب عمله وأساليبه وتطويره وتنفيذه وقدرته على التعامل التربوي السليم مع العاملين … الخ .
- بناءً عليه يطلب من مدير المدرسة ليكون قائداً تربوياً له دوره الفعال في العملية التربوية ما يلي :
- أن يكون ديناميكياً حيوياً يقوم بأدوار العمل المختلفة وفقاً لمقتضيات الموقف .
- يعرف ارتباط الوسائل بالغايات .
- يقدر على رسم السياسات التربوية وتنفيذها .
- يقدر على تطوير العمل وتجديده .
- يتصف بشخصية ذات تأثير على القيادة الواعية لمؤسسته أو أنظمته .
وفيما يلي أهم الصفات التي يجب أن يتحلي بها مدير المدرسة الناجح :
أ-صفات مدير المدرسة الناجح :
يعد مدير المدرسة قائداً تربوياً هاماً في المؤسسة التربوية ( المدرسة ) ولكي يقوم بواجبه على الوجه الأتم لابد من توافر صفات مميزة له . ومن أهم هذه الصفات .:
- القدوة الحسنة في المظهر والتصرف والنضوج والتكامل .
- أن يكون إنسانياً وأن يحترم مواعيد المدرسة ويشعر بالمسؤولية وأن يكون مخلصاً في أداء عمله وأن يكون عادلاً في إدارته لمدرسته .
- أن يجمع بين الحزم والعطف والمحبة وأن يكون حسن الأخلاق وأن يتصف بالحذر واليقظة وأن يكون ديمقراطياً في التفكير والتصرف .
- أن يهتم بجوهر الأمور ولا يستغرق في الأمور الروتينية وأن يكون سريع البت في الأمور وخاصة في المواقف الحرجة دون تردد أو إبطاء وأن يكون قادراً على التعبير عن نفسه ، بكل دقة ووضوح ، بالكتابة والحديث .
- وأن يكون قوى الشخصية معه القدرة على التأثير في الآخرين لأن ذلك يؤدي إلى النجاح في العمل ، وأن يتصف بالمرونة وعدم الجمود في مواجهة المشكلات والأمور ، وأن يتصف بالوعي الكامل لجوانب وأبعاد العمل .
وكذلك يمكن القول بأن من أهم مقومات الإدارة المدرسية أن تتمثل في مدير المدرسة الصفات القيادية التالية :
1- القدوة الطيبة : ومن حيث التمسك بأسباب دينه وفي أيمانه واعتزازه به وفي مظهره وخلقه وسيرته وفي أبوته وأخوته لمدرسي المدرسة وموظفيها وطلابها وعمالها وأولياء الأمور بها.
2- الثقة المتبادلة : عن طريق الخبرة الشخصية في كافة المجالات والنشاطات فإن ثقة المدرسين والموظفين والعمال والطلاب بناظرهم هي الدعامة الأولى لنجاح الإدارة المدرسية .
3- خلق المناخ الصالح على أساس من الاستقرار والطمأنية وحسن التقاهم والبعد عن العنف والخلافات والتباغض والحرص على التعاطف والتعاون والمودة والألفة مع اليقظة التامة .
4- التعرف على العاملين : وذلك بالوقوف على قدراتهم ومواهبهم واستعداداتهم وإمكاناتهم وإسناد العمل المناسب لكل منهم مع توجيههم وإرشادهم بالحسنى بالإضافة إلى تزكية المجدين وتشجيعهم والأخذ بيد المقصرين والارتقاء بهم .
5- توزيع الاختصاصات : تفويض ناطر المدرسة العاملين معه ببعض الاختصاصات والواجبات والمسؤوليات والالتزامات مع منحهم في نفس الوقت كل السلطات وتعريف كل مدرس بملكيته للمدرسة وبأنه جزء منها ومن الخير أن يتفرغ قائد المدرسة للسياسة العامة والأمور الجوهرية بالمدرسة وإسناد ما دون ذلك إلى مرؤوسية ومعاونية .
6- أسلوب القيادة الرشيدة : يقوم على الأسلوب الديمقراطي والحكم الذاتي والقيادة الجماعية ومركزية التخطيط لا مركزية التنفيذ والبعد على النمط الأوتوقراطي أو الاتجاه البيروقراطي (المكتبي.
مجموعة من المهارات التي يجب أن يجيدها حتى تحقق المدرسة أهدافها بكفاءة :
1- المهارة الفنية : Technical Skill وتتمثل في فهم نظم ولوائح التعليم وقوانينه وإدراك المدير لحقوقه واختصاصاته ومسؤولياته حتى لا يصدر قراراً ليس من حقه ، وحتى لا يتواني عن إصدار قرار يقع في نطاق اختصاصه ومسؤولياته وهذه المهارة تكتسب بالخبرة الطويلة في ممارسة المهنة التربوية ومن خلال برامج التدريب المهني أثناء العمل ومختلف أشكال وأنواع التدريب المهني المتخصص .
2- المهارة الإدراكية : Perceptive Skill وتتمثل في إتساع منظور الرؤية عند المدير وقدرته على النظرة الشمولية Wholistic للقضايا والموضوعات والمشكلات التي تعرض عليه ، من حيث اتصالها بالمنهج والأنشطة التربوية وأهداف المدرسة وصالح أعضاء أسرة المدرسة واتفاقها مع السياسة التعليمية والأهداف العليا للمجتمع …. إلخ . وهذه القدرة على الفهم للأمور التربوية والقضايا المدرسية تعتمد على عاملين أساسيين هما الخبرة السابقة والذكاء فالمدير الناجح هو القادر على اتخاذ القرار الرشيد في الوقت المناسب وبالسرعة اللازمة وبالكفاءة الواجبة مع أخذ جميع المتغيرات في الاعتبار .
3- المهارة الاجتماعية : Social Skill وهي التي تتصل بالفهم الصادق للذات وللآخرين ولمطالبهم وحاجاتهم النفسية والاجتماعية والقدرة على التعامل مع الآخرين بشكل يحبب العاملين في عملهم وفي المدرسة وفي الإدارة ويتيح لهم فرصة التعبير الحر عن آرائهم ومشكلاتهم وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار .
ب-أهم وظائف ومسؤوليات مدير المدرسة :
تقع على عاتق مدير المدرسة وظائف تربوية كثيرة ، منها الإدارية والفنية وجميعها متشابكة مع بعضها البعض ، ولابد لمدير المدرسة من ممارستها بفاعلية ومن أهم هذه الوظائف ما يلي :
1-التخطيط :
يعرف التخطيط بأنه تلك العملية الواعية التي يتم بموجبها اختبار أفضل الطرق أو المسارات للتصرف بما يكفل تحقيق هدف معين .
ويمكن أن يضع مدير المدرسة برامج العمل الشاملة بمعاونة العاملين معه عن طريق :
- الإعداد للعام الدراسي الجديد وتشكيل اللجان المتخصصه .
- إعداد برنامج عمل لتنفيذه على مدار السنة .مدعماً بوسائل التنفيذ0
- إعداد خطة لعلاج المتخلفين دراسياً ورعاية المتفوقين .
- عمل خطة للخدمات الطلابية صحياً واجتماعياً وثقافياً وفنياً .
- ابتكار خطة للارتقاء بالمدرسة والنهوض بها من جميع نواحيها .
- إسهام البارزين من الأساتذة في وضع خطة للتجريب لتنفيذ بعض الاتجاهات الحديثة في السياسة التعليمية الجديدة .
- دعم صلات المدرسة بخريجيها وبالمدارس الواقعة في محيطها والعمل على نجاح مشروع اليوم المفتوح .
- وضع خطة متكاملة لمشروعات النشاط المدرسي على مستوي الفصول ومستوى المدرسة فيما يتصل بخدمة المناهج ثم تنمية المواهب والخبرات والقدرات للطلاب .
- الوسائل العلمية لدعم الدراسة وانتظامها في الفترة الأخيرة من العام الدراسي مع الإعداد لامتحان آخر العام وفقاً لخطة مدروسة .
2-التنظيم :
يقع على مدير المدرسة مسؤولية تنظيم العمل ، وذلك بتوزيعه على العاملين وتفويضهم السلطات اللازمة لتنفيذ العمل ، وذلك من أجل الوصول إلى تحقيق الأغراض والأهداف المرجوة من العمل .
ويمكن ممارسته على النحو التالي :
q تقدير حجم الأعمال اللازمة لتحقيق رسالة المدرسة في نواحي الدراسة والنشاط والإشراف والريادة والمجالس المدرسية والشؤون الإدارية والمالية وتقدير ما يلزمها من القوى البشرية .
q تحديد المسؤوليات المنوطة بكل جهاز من أجهزة المدرسة وإسناد الأعمال المناسبة إلى العاملين بالمدرسة في كافة المجالات .
q إعداد الجدول المدرسي العام مع مراعاة الأسس والشروط المناسبة لكل من الطلاب والمدرس وترابط المواد ومواعيد حصص الدراسات والتربية الرياضية والدروس العملية … إلخ .
q تنظيم جماعات النشاط من حيث اختيار المشرفين عليها وأعضائها من الطلاب طبقاً لرغباتهم وميولهم واستعداداتهم مع تحديد المواعيد والأماكن وتجهيز الخامات والمواد اللازمة لممارسة النشاط .
q إعداد جداول زمنية بمواعيد اجتماع المدرسين ومجلس إدارة المدرسة ومجلس الآباء ومجالس الأنشطة المختلفة … إلخ .
q وضع خطة لتنظيم الملفات والسجلات والدفاتر المالية والبطاقات والامتحانات حتى يسهل متابعتها ومراجعتها بصورة ميسرة .
3-التوجيه والإشراف الفني :
ويتم ذلك بالندوات وعقد الاجتماعات واللقاءات والزيارات الصفية، ويكون ذلك ضمن برنامج تدريبي خاص يتفق أيضاًَ مع خطة المدرسة العامة .
ونؤكد هنا بأن أهم هدف لعملية التوجيه والإشراف الفني هو تطوير وتجديد العمل التربوي ، مع رفع كفاءة العاملين .
ويتم التوجيه السليم عادة بروح إنسانية كريمة تبرز المحاسن ثم تعالج الضعف برفق وأناة وحكمة وروية
المصدر:الحوار المتمدن - العدد: 2140