اعلم أن للإنسان في علمه أربعة أحوال كحاله في اقتناء الأموال إذ لصاحب المال حال استفادة فيكون مكتسبا وحال ادخار لما اكتسبه فيكون به غنيا عن السؤال وحال إنفاق على نفسه فيكون منتفعا وحال بذل لغيره فيكون به سخيا متفضلا وهو أشرف أحواله فكذلك العلم يقتنى كما يقتنى المال فله حال طلب واكتساب وحال تحصيل يغني عن السؤال وحال استبصار وهو التفكر في المحصل والتمتع به وحال تبصير وهو أشرف الأحوال فمن علم وعمل وعلم فهو الذي يدعى عظيما في ملكوت السموات فإنه كالشمس تضيء لغيرها وهي مضيئة في نفسها وكالمسك الذي يطيب غيره وهو طيب والذي يعلم ولا يعمل به كالدفتر الذي يفيد غيره وهو خال عن العلم وكالمسن الذي يشحذ غيره ولا يقطع والإبرة التي تكسو غيرها وهي عارية وذبالة المصباح تضيء لغيرها وهي تحترق كما قيل:
ما هو إلا ذبالة وقدت تضيء للناس وهي تحترق