نقابتنا...واغتيال الهوية..!!
فارس ذينات
الاستهجان وعدم الرضا من قطاع المعلمين الواسع على قانون نقابة المعلمين المقدم من الحكومة المظفرة إلى المجلس النيابي مترافقاً لاستهجان أكبر من عدم وجود أي صدى من وسائل الإعلام أو من الكتاب.. كتاب الهم الوطني.. على الاستخفاف والاستغفال الموجود في القانون الهزيل والمسخ... والتساؤل الذي يطرح نفسه لماذا ؟؟ رغم أنه يعكس الوجه الحقيقي للقوى الغامضة المتنفذة ونهجها العابر للحكومات والمتواجدة خلف هذه الحكومة ونواياها المبيتة بعدم جديتها في الإصلاح الذي تطالب به معظم قطاعات المجتمع الأردني..
على غير المعهود والعرف كباقي النقابات في الأردن وفي العالم نقابة المعلمين لا تمت إلى مهنة التعليم بأي صلة في العمل النقابي . وجدت النقابة لأجل المهنة ومن يمارس المهنة وبالتالي كل ما له علاقة بالمهنة وممارستها مرتبط بالنقابة.. فلا يعقل أن لا يكون للمعلمين - وهذا العدد الكبير الذي يتجاوز الـ 80 ألف – أدنى رؤيا بالمنهاج المقدم إلى الطالب أو حتى السياسات التربوية التي لها علاقة في التعامل مع الطلبة في المدرسة وغرفها الصفية , ولا يغيب عن ذهننا أنه الأقرب إلى الواقع المهني في العملية التعليمية التعلمية من حيث المنهاج والطالب وظروف تقديم المعلومة وبالتالي السياسات التربوية أو الطريقة الأقرب إلى بناء طلبته وبالتالي بناء الوطن .
الوزير شخص واحد هو المعني في كل شؤون التربية والتعليم في الوطن وهو الأحرص على مستقبل أبنائنا ومستقبل الوطن.. هو صاحب الرؤى الثاقبة .. وكأن المعلمين لا يملكون رؤية الحرص والخوف على مستقبل وطنهم وتكوين أجياله..!
لقد أسقطت الحكومة ومن خلال قانونها المقدم إلى مجلس النواب وفي تعريف المعلم كلمة المهنة أي من يمارس مهنة التعليم وذكرت في التعريف المعلم من يمارس التعليم , وهي تقصد من خلال هذا الإسقاط هو إفراغ النقابة من مهنيتها .. فنسأل كيف تكون نقابة بلا مهنة؟؟ أو نقابة لأشخاص لا يوصف ما يقومون به بأنه مهنة؟؟ فما الدافع من وراء ذلك؟؟ والى ماذا يقودون الأمور وما هو القادم؟؟!! ..
هذا يدلل على نوايا مبيته لعملية التعليم في الأردن من حيث اتخاذ القرارات والإجراءات التي ستكون مرفوضة شعبياً وخاصة من قبل قطاع المعلمين والذي سيكون ذو أثر كبير على الأجيال القادمة وبالتالي على مستقبل الوطن..
الاتجاه والنوايا تنجرف نحو تحقيق بعض الأجندة ومن أهمها وأخطرها خصخصة قطاع التعليم - والذي تنبهت له اللجنة الوطنية وعبرت عن رفضها له انطلاقاً من حسها الوطني - وبالتالي تسليم مسؤولية إنتاج وصناعة الأجيال وفق أهواء ورؤى شركات خاصة غير أردنية فيكون المنتج غير وطني وبالتالي طمس الهوية الأردنية وهو الهدف الثاني الغير منظور من المؤامرة التي تحاك لهذا الوطن وأهله.
نعم هي مؤامرة الوطن البديل.. ومؤامرة التوطين التي تسعى له إسرائيل ومن خلال مسمياتها في أمريكا وغيرها ضمن المؤسسة الصهيونية العالمية حيث تسعى إلى تجذير وترسيخ أن الأردني هو من يقيم على الأرض الأردنية وبالتالي تمرر مخططاتها في تهجير وتسفير من هم في الضفة إلى الأردن وتفريغ الأرض من سكانها وإسقاط نظرية الأرض المحتلة والشعب الباحث عن تقرير المصير..
...قانون نقابة المعلمين هزيل ومسخ ومستخِّف بعقول ووجدان وكيان ومستقبل الوطن وليس المعلم فقط...
الحكومة تنظر من خلال قانونها إلى المعلم كأداة وليس من خلال المهنة التي يقوم بها ظناً منها أنها قادرة على تحييد هذا الجسم الواعي لما يدور حوله من تآمر واستبداد على الأجيال القادمة.. تحييد هذا الجسم عن الحراك في الشارع الأردني المطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد واجتثاثه ومحاسبة الفاسدين.. إذ تؤكد الحكومة ومن خلال قانونها على التأكيد بأن أي إصلاح قادم لن ينظر إلى الكتل البشرية كشركاء في العملية السياسية والاقتصادية أو القرارات السيادية و محاربة الفساد..
نستقري من قانون الحكومة عدم الجدية في الإصلاح المنشود بأن الشعب مصدر السلطات .. لذلك وضعت الكرة في ملعب مجلس النواب ( نواب الكازينو – أو – كازينو 111) لتحول الصراع على النقابة ما بين المعلمين وممثلي الشعب فتأخذ دور المنصف المتباكي.. نعم إنها الثنائية التي تجيد ممارستها حكوماتنا المتعاقبة على الشعب الأردني لإشغاله في حيثياتها وإبقاءه بعيداً عن جوهر الإشكالية المانعة للإصلاح الذي هو استحقاق تاريخي ومرحلي لا بد منه.. تريد للمعلم أن يكون غائباً عن استحقاقات المرحلة القادمة ككيان ووطن وإرث بشري وتاريخي ومكتسبات وطنية متجذرة بالإنسان والهوية..
...قد يستغرب القارئ لما كل ذلك وما علاقة المعلم في كل ما ذكر...؟؟!!
المعلم هو من يصنع الجيل ويبني العقل ومن ثم الحكم على الشيء.. المعلم هو ناقل للتاريخ من خلال المنهاج الذي يدرس والمهنة التي يمارس من خلال الإرث المبني على الإنتماء لتراب الوطن وجذوره وتاريخه وهويته.. ناقلاً للوعي والإدراك لما هو قادم.. فكان لا بد من تحييد وتقييد المعلم عقلاً ووجداناً وانتماءً للأرض والإنسان والتاريخ والهوية.. نعم هي المؤامرة التي ستمنحه القدرة في الدفاع عن وجوده ودوره التاريخي الذي أُقصي عنه عقوداً في تثبيت الوطن أرضاً وتاريخاً وهوية...!!
لا يريدون إصلاحاً يؤدي إلى مشاركة الكتل البشرية من الطبقة الوسطى والكادحة في العملية السياسية والاقتصادية , بل يريدون إصلاحاً يعزز تفردهم بالقرار وازدياد التهميش لهذه الجموع.. يريدون إصلاحاً يعزز من عرفيتهم واستبدادهم واستحواذهم على المستقبل.. يمكّن نظرتهم للشعب بأنهم قطعان تابعة لأهوائهم وطموحاتهم وليس لشرعيتهم..!!