المعلم: فتح كساب
حين سُئلَ الحسين بن علي رضي الله عنه عن سبب خروجه على يزيد بن معاوية أجاب :" إني لم أخرج أشراً و لا بطراً و لا مفسداً و لا ظالماً,و إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر .فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق , و من رد عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني و بين القوم بالحق ,و هو خير الحاكمين."
إن الراصد لردود أفعال الحكومة لما جرى أثناء وبعد اعتصامات المعلمين يَلحظ كثيراً من السلوكات غير المُبررَة ابتداءً بالتهديد مروراً بالمماطلة والتسويف وأخيراً الالتفاف لمحاولة إضعاف وتمييع مطالب المعلمين وإفراغها من محتواها.
لن أطيل في موضوع ردود الأفعال التي اتسمت بالتجني والتهديد والتي خرج علينا بها الناطق الرسمي باسم الحكومة، لأنها سُحِبَت لاحقاً بعد كلمات جلالة الملك التي أنصفت المعلم ووضعت الإصبع على الجرح الذي طال نزفه.
أول ردود الأفعال التي تلت تعليق الاعتصامات كانت رفض الحكومة القاطع مناقشة مطلب إقالة وزير التربية والتعليم مهما كان الثمن ، وكأنها تَبعث برسالةٍ أنها على استعدادٍ للتضحية بوطن من أجل شخص أساء لهذا الوطن ومواطنيه. وهذا أمر مُستَهجنٌ أيما استهجان لأن الوطن بأهله وليس بشخص فلان أو علّان.
أمّا ما يخص موضوع رفع مكافأة المراقبة والتصحيح فإن الحكومة "تجود" بما ليس منها، فأموال المراقبة والتصحيح تُدفع من جيوب الطلبة وأولياء أمورهم- رسوم الاختبار ورقم الجلوس- وليست جزءًا من موازنة مُعدّة مُسبقاً يتم دفع المكافآت منها. فهذه لا مِنَّة فيها لأحدٍ على أحد.
وأخيراً ظهر أن الحكومة قامت باستنفار جميع وزاراتها على المعلم المسكين لا لسبب إلاّ لأنه – كما يعتقدون- الحَلَقة الأضعف التي يَسهل التعامل معها وكسرها متى شاءت الحكومة ذلك. حيث تكثفت اتصالات وزارة التنمية السياسية مع أطراف من المعلمين من أجل تشكيل لجان بديلة للالتفاف على اللجان التي أفرزتها الاعتصامات عفوياً.
والسؤال الذي يجب أن يُسأل، لماذا تُطيل هذه الوزارة سُباتها وتُقصر في حق "التنمية السياسية" التي هي عماد مسؤوليتها؟
هل الوزارة بلا خطط ولا مشاريع لدرجة أن يتم تكليفها بالعمل على إسقاط مطالب المعلمين العادلة؟
وهل يُعقَل يا معالي "الرفيق" موسى المعايطة أن تكون وزارتك هي التي تقود عملية عرقلة العمل الجاد من أجل ترجمة رؤى جلالة الملك بالإصلاح والانفتاح والمزيد من الديمقراطية؟
يا معالي الوزير، والله ما خرج المعلم أَشِِراً ولا بَطِراً ولكنَّه خرج لرد ظلمٍ تاريخي حاق به وطلباً للإصلاح ليس إلاّ. ولا أظن أنَّ أحداً أكثر علماً أو إحاطةً بتلك المظالم منك يا معالي الوزير، فترفق بمن كنت ترفع الصوت باسمهم وعلى أكتافهم وصلت للوزارة.
ملاحظة: الشكر موصول لمستشار رئيس الوزراء للشؤون السياسية لاستماتته في الدفاع عن الدستور ووقوفه في وجه المعلمين اللذين تغولوا على الحكومة.
12/05/2010